الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
لو تأملت في دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- لوجدت فيها الأسوة والقدوة في كل مجال، سواء في مجال العبادة والعقيدة والأخلاق والمعاملات، وكذلك طريقة التعليم.
وهذا المجال الأخير يحتاج إلى إلقاء الضوء عليه، وتنبيه الدعاة وطلبة العلم إليه، فهو -صلى الله عليه وسلم- خير المعلِّمين، فبالإضافة إلى رفقه ولينه، وحلمه وسعة صدره في تعليمه، فإنه علَّمنا أساليب رائدة في التعليم، ولفت الانتباه والجمع بين الإقناع العقلي، والتأثير العاطفي.
يقول معاوية بن الحكم السلمي: (فبأبي هو وأمي ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه؛ فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني) رواه مسلم.
فما أحوج المعلِّمين إلى التعلم من آدابه وأخلاقه، وحسن تعليمه، وأساليب تعليمه.
فمن هذه الأساليب:
1- أسلوب طرح السؤال على المتعلم:
ومنه حديث معاذ المشهور أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: (أتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟ قال: الله ورسوله أعلم. ثلاثاً....) ثم أجابه.
وحديث: (أخبرونى بشجرة مثلها مثل المسلم تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها...) صححه الألباني في الأدب المفرد للبخاري.
وحديث: (يا أبا المنذر، أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟) رواه مسلم.
وحديث: (أتدرون من المفلس؟) رواه مسلم.
إلى غير ذلك من الأسئلة التي يطرحها ثم يجيب عليها.
وفي ذلك فوائد تعليمية منها:
أولاً: بث الشوق في نفس المتعلم لمعرفة الإجابة.
ثانياً: استخراج ما عنده من فهم، فإن كان صحيحاً أقره، وإن كان فيه خلل صححه.
2- أسلوب استعادة السؤال من السائل والثناء على سؤاله:
في صحيح مسلم أن رجلاً سأل النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أخبرني بما يقربني من الجنة ويباعدني من النار؟ قال: فكف النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم نظر في أصحابه، ثم قال: لقد وفق أو لقد هدي. قال: كيف قلت؟ قال فأعادها...)، فلم يجبه النبي -صلى الله عليه وسلم- مباشرة حتى نظر إلى أصحابه، وأثنى على السائل في سؤاله واستعاده السؤال، كل ذلك للفت انتباه أصحابه إلى المسألة وإجابتها.
في ذلك فائدة مهمة للمعلم، فكثيراً من الأحيان يسرح التلميذ في الدرس ويغفل، فيحتاج إلى تنشيط ذهني، وتنبيه بمثل ذلك.
3- أسلوب التشويق والإثارة عن طريق الوعد بمعلومة، والتغافل حتى يطلب المتعلم:
انظر ذلك فيما رواه أحمد والبخاري من حديث أبي سعيد بن المعلّى، قال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ السُّوَرِ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ قُلْتُ لَهُ أَلَمْ تَقُلْ لأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ)
وحدث ذلك مع أُبَيّ أيضاً حتى قال أبَيّ: فجعلتُ أتباطأ خشية أن يخرج من المسجد قبل أن يعلمني.
4- ومن ذلك إحداث أثر عند المتلقي حتى لا ينسى عن طريق أخذ باليد أو فرك أذن:
مثل حديث أبي هريرة: قال -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ يَأْخُذُ مِنْ أُمَّتِي خَمْسَ خِصَالٍ فَيَعْمَلُ بِهِنَّ أَوْ يُعَلِّمُهُنَّ مَنْ يَعْمَلُ بِهِنَّ قَالَ قُلْتُ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَأَخَذَ بِيَدِي فَعَدَّهُنَّ فِيهَا ثُمَّ قَالَ اتَّقِ الْمَحَارِمَ تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ وَأَحْسِنْ إِلَى جَارِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُسْلِمًا وَلَا تُكْثِرْ الضَّحِكَ فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ) رواه أحمد، وحسنه الألباني.
5- استخدام العدد والإشارة للتوضيح:
مثل: (أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا وَقَالَ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى) رواه البخاري.
وحديث: (ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاوَةَ الإِيمَانِ...) رواه البخاري.
وحديث: (أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا...) رواه البخاري.
6- أسلوب الحكاية:
مثل حيث الصبي الذي تكلم في المهد، وراجع أمه ثم أقبل إلى الثدي يرتضع، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: (فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَحْكِي عَلَيَّ صَنِيعَ الصَّبِيِّ وَوَضْعَهُ إِصْبَعَهُ فِي فَمِهِ فَجَعَلَ يَمُصُّهَا) رواه أحمد.
إلى غير ذلك من الأساليب النبوية الرائعة التي تحتاج إلى مزيد بحث ودراسة؛ ليستفيد منها الدعاة والمربون، وحتى لا تكون دروسنا جامدة
لو تأملت في دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- لوجدت فيها الأسوة والقدوة في كل مجال، سواء في مجال العبادة والعقيدة والأخلاق والمعاملات، وكذلك طريقة التعليم.
وهذا المجال الأخير يحتاج إلى إلقاء الضوء عليه، وتنبيه الدعاة وطلبة العلم إليه، فهو -صلى الله عليه وسلم- خير المعلِّمين، فبالإضافة إلى رفقه ولينه، وحلمه وسعة صدره في تعليمه، فإنه علَّمنا أساليب رائدة في التعليم، ولفت الانتباه والجمع بين الإقناع العقلي، والتأثير العاطفي.
يقول معاوية بن الحكم السلمي: (فبأبي هو وأمي ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه؛ فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني) رواه مسلم.
فما أحوج المعلِّمين إلى التعلم من آدابه وأخلاقه، وحسن تعليمه، وأساليب تعليمه.
فمن هذه الأساليب:
1- أسلوب طرح السؤال على المتعلم:
ومنه حديث معاذ المشهور أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: (أتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟ قال: الله ورسوله أعلم. ثلاثاً....) ثم أجابه.
وحديث: (أخبرونى بشجرة مثلها مثل المسلم تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها...) صححه الألباني في الأدب المفرد للبخاري.
وحديث: (يا أبا المنذر، أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟) رواه مسلم.
وحديث: (أتدرون من المفلس؟) رواه مسلم.
إلى غير ذلك من الأسئلة التي يطرحها ثم يجيب عليها.
وفي ذلك فوائد تعليمية منها:
أولاً: بث الشوق في نفس المتعلم لمعرفة الإجابة.
ثانياً: استخراج ما عنده من فهم، فإن كان صحيحاً أقره، وإن كان فيه خلل صححه.
2- أسلوب استعادة السؤال من السائل والثناء على سؤاله:
في صحيح مسلم أن رجلاً سأل النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أخبرني بما يقربني من الجنة ويباعدني من النار؟ قال: فكف النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم نظر في أصحابه، ثم قال: لقد وفق أو لقد هدي. قال: كيف قلت؟ قال فأعادها...)، فلم يجبه النبي -صلى الله عليه وسلم- مباشرة حتى نظر إلى أصحابه، وأثنى على السائل في سؤاله واستعاده السؤال، كل ذلك للفت انتباه أصحابه إلى المسألة وإجابتها.
في ذلك فائدة مهمة للمعلم، فكثيراً من الأحيان يسرح التلميذ في الدرس ويغفل، فيحتاج إلى تنشيط ذهني، وتنبيه بمثل ذلك.
3- أسلوب التشويق والإثارة عن طريق الوعد بمعلومة، والتغافل حتى يطلب المتعلم:
انظر ذلك فيما رواه أحمد والبخاري من حديث أبي سعيد بن المعلّى، قال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ السُّوَرِ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ قُلْتُ لَهُ أَلَمْ تَقُلْ لأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ)
وحدث ذلك مع أُبَيّ أيضاً حتى قال أبَيّ: فجعلتُ أتباطأ خشية أن يخرج من المسجد قبل أن يعلمني.
4- ومن ذلك إحداث أثر عند المتلقي حتى لا ينسى عن طريق أخذ باليد أو فرك أذن:
مثل حديث أبي هريرة: قال -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ يَأْخُذُ مِنْ أُمَّتِي خَمْسَ خِصَالٍ فَيَعْمَلُ بِهِنَّ أَوْ يُعَلِّمُهُنَّ مَنْ يَعْمَلُ بِهِنَّ قَالَ قُلْتُ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَأَخَذَ بِيَدِي فَعَدَّهُنَّ فِيهَا ثُمَّ قَالَ اتَّقِ الْمَحَارِمَ تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ وَأَحْسِنْ إِلَى جَارِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُسْلِمًا وَلَا تُكْثِرْ الضَّحِكَ فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ) رواه أحمد، وحسنه الألباني.
5- استخدام العدد والإشارة للتوضيح:
مثل: (أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا وَقَالَ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى) رواه البخاري.
وحديث: (ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاوَةَ الإِيمَانِ...) رواه البخاري.
وحديث: (أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا...) رواه البخاري.
6- أسلوب الحكاية:
مثل حيث الصبي الذي تكلم في المهد، وراجع أمه ثم أقبل إلى الثدي يرتضع، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: (فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَحْكِي عَلَيَّ صَنِيعَ الصَّبِيِّ وَوَضْعَهُ إِصْبَعَهُ فِي فَمِهِ فَجَعَلَ يَمُصُّهَا) رواه أحمد.
إلى غير ذلك من الأساليب النبوية الرائعة التي تحتاج إلى مزيد بحث ودراسة؛ ليستفيد منها الدعاة والمربون، وحتى لا تكون دروسنا جامدة